بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف المرسلين
وبعد
أنس بن النضر
الصحابي أنس بن النضر بن ضمضم الأنصاري، عم أنس بن مالك خادم رسول الله (صلى الله عيله وسلم)، وينسب إلى بني النجَّار في المدينة المنورة.
وقد أحب أنس رسوله وظل مدافعًا عنه حتى آخر قطرة دم في جسده ، ولم يعلم بخروج النبي (صلى الله عيله وسلم) لقتال المشركين في غزوة بدر ، فحزن حزنًا شديدًا، ونذر نفسه للشهادة في سبيل الله ليعوض ما فاته من يوم عظيم.
وذهب إلى رسول الله صلى الله عيله وسلم محمد بن عبد الله نادمًا أن فاتته غزوة بدر، فقال للنبي صلى الله عيله وسلم محمد بن عبد الله: “يا رسول الله، غبت عن قتال بدر، غبت عن أول قتال قاتلتَ المشركين، لئن أشهدني الله قتال المشركين ليرين اللهُ ما أصنع”، فلما كانت غزوة أحد، خرج أنس بن النضر مع المسلمين، وهو يتمنى أن يلقى الله شهيدًا في هذه الغزوة.
وبدأت المعركة وكان النصر حليف المسلمين إلى أن خالف الرماة أمر رسول الله (صلى الله عيله وسلم)، وتحول النصر إلى هزيمة، وفر عدد كبير من المسلمين، ولم يثبت مع النبي (صلى الله عيله وسلم) سوى نفر قليل. فلما رأى أنس بن النضر ذلك المشهد تذكَّر على الفور وعده لله، وقوله للرسول صلى الله عيله وسلم: “لئن أشهدني الله قتال المشركين ليرين الله ما أصنع”. ثم أشيع بين المسلمين بأن رسول الله صلى الله عيله وسلم- – قد قتل, فقال :” ان كان رسول الله قد مات, فقوموا وقاتلوا على ما مات عليه رسول الله”. فانطلق يشق صفوف المشركين قائلاً: “اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء (يعنى أصحابه) وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء (يعنى المشركين)”، ثم تقدم شاهرًا سيفه، فاستقبله سعد بن معاذ فقال: ” يا سعد بن معاذ، الجنة ورب النضر، إني أجد ريحها من دون أحد. وأخذ يقاتل ويضرب بسيفه يمينًا وشمالاً، حتى سقط شهيدًا على أرض المعركة، وبعد انتهاء القتال حكى سعد بن معاذ للنبي (ص) ما صنعه أنس بن النضر، وقال:”فما استطعت يا رسول الله ما صنع”.
وقام الرسول (صلى الله عيله وسلم) وأصحابه ليتفقدوا شهداء أحد، ويتعرفوا عليهم، فوجدوا أنس بن النضر وبه بضعة وثمانون جرحًا ما بين ضربة بسيف وطعنة برمح ورمية بسهم، وقد مثل به المشركون فلم يعرفه أحد إلا أخته الربيع بنت النضر بعلامة في أصابعه. وروى أن هذه الآية الكريمة {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا} [الأحزاب: 23] نزلت في أنس بن النضر ومن معه من الصحابة رضوان الله عليهم.
روى البخاري بسنده عن أنس بن مالك (ابن أخ النضر) رضي الله عنه أن الربيع وهي ابنة النضر كسرت ثنية جارية فطلبوا الأرش وطلبوا العفو فأبوا فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأمرهم بالقصاص فقال أنس بن النضر أتكسر ثنية الربيع يا رسول الله لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها فقال: «يا أنس كتاب الله القصاص» فرضي القوم وعفوا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره».