بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف المرسلين
وبعد
عباد بن بشر الأشهلي
التفاصيلعَبَّاد بن بِشْر بن وَقْش الأَنصاري الأَوسي، ثم الأَشهلي:
قال الواقديّّ: يُكْنى أبا بشر، وقال ابن عمارة: يُكْنَى أبا الربيع، وقال إبراهيم بن المنذر: يُكْنَى أبا بشر، ويُكْنَى أبا الرّبيع. أمّه فاطمة بنت بشر بن عديّ، حلفاء بني عبد الأشهل. كان لعبّاد بن بشر من الولد ابنة لم يكن له ولد غيرها، فانقرضت، فلم يبقَ له عقب. قال أبو عمر رضي الله عنه: لا يختلفون أنه أسلم بالمدينة على يد مُصْعب بن عمير، وذلك قبل إسلام سعد بن معاذ، وأُسيد بن حُضير. وشهد بدرًا، وأُحُدًا، والمشاهد كُلَّها مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. قال ابن إسحاق: آخى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بين عبّاد بن بشر، وبين أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة. كان ممن قتل كعب بن الأَشرف اليهودي، الذي كان يؤذي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، والمسلمين، وكان الذين قتلوه: عبادًا، ومحمد بن مَسْلمة، وأَبا عبس بن جَبْر، وأَبا نائلة، والحارث بن أوس، وأبا عبس بن جَبْر، وأبا نائلة سلكان بن وَقْش الأشهليّ، وقال عَبَّاد بن بشر في ذلك شعرًا:
صَرَخْتُ بِهِ فَلَمْ يَعْرِضْ لِصَوْتِي وَوَافَى طَالِعًا مِنْ رَأْسِ جَدْرِ
فَعُـدْتُ لَهُ فَقَالَ مَنِ المَنَادِي فَقُلْتُ أَخُوكَ عَبَّادُ بْنُ بِشْرِ
وَهَذِي دِرْعُنا رَهْنًا فَخُذْهَا لِشَهْرٍ إِنْ وَفَى أَوْ نِصْفَ شَهْرِ
فَقَالَ مَعَاشِـرُ سَغِبُوا وَجَاعُوا وَمَا عَدَلُوا الغِنَى مِنْ غَيْرِ فَقْرِ
فَأَقْبَلَ
نَحْوَنَا
يَهْوِي
سَرِيعًا وَقَالَ لَنَا لَقَد ْ جِئْـتُمْ
بِأْمْرِ
وَفِي
أَيْمَانِنَا
بِيضٌ
جِدَادٌ مُجَرَّدَةٌ
بِهَا الكُفَّارَ
نَفرِي
فَعَانَقَهُ ابْنُ مَسْـلَمَةَ
الْمَرَدَّي بِهِ
الكُفَّارُ
كاللَّيْثِه
الهِزَبْرِ
وَشَدَّ
بِسَيْفِهِ
صَلْتًا
عَلَيهِ فَقَطَّرَهُ أَبُو عَبْـسِ بْنِ
جَبْرِ
فكَانَ
اللَّهُ
سَادِسَنَا
فَأُبْنَا بِأَنْعَمِ
نِعْمَةٍ
وَأَعَزِّ
نَصْرِ
وَجَاءَ
بِرَأْسِهِ
نَفَرٌ
كِرَامٌ هُمُو نَاهِيكَ مِنْ صِدْقٍ
وَبِرِّ
قالت عائشة: ثلاثة من الأَنصار لم يكن أَحد يَعْتَدُّ عليهم فضلًا، كلهم من بني عبد الأَشهل: سعد بن معاذ، وأُسَيد بن حُضَير، وعَبَّاد بن بشر. وروت عائشة رضي الله عنها: أَن النبي صَلَّى الله عليه وسلم سَمِع صوت عباد بن بِشر، فقال: “اللَّهُمَّ ارْحَمْ عَبَّادًا”(*) . روى أَنس، أَن أَسَيد بن حضير، وعباد بن بشر كانا عند النبي صَلَّى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة، فخرجا من عنده، فأَضاءَت عصا أَحدهما، فكانا يَمْشِيان بضوئها، فلما افترقا أَضاءَت عصا هذا وعصا هذا. قال عباد بن عبد الله: والله ما سمَّاني أبي عبادًا إلّا به. روى عبّاد بن بشر الأنصاريّ، أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قال: ”يَامَعْشَرَ الأَنْصَارِ، أَنْتُم الشِّعَارُ، والنَّاسُ الدِّثَارِ، فَلَا أُوتَيَنَّ مِنْ قبلكُمْ”(*) .
بعثه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، إلى بني سُليم، ومُزينة يصدّقهم، فأقام عندهم عشرًا، وانصرف إلى بني المُصْطَلِق، من خُزاعة بعد الوليد بن عقبة بن أبي مُعيط يصدّقهم، فأقام عندهم عشرًا، وانصرف راضيًّا. وجعله رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، على مقاسم حُنين، واستعمله على حرسه بتبوك من يوم قدم إلى أن رحل، وكان أقام بها عشرين يومًا. شهد يوم اليمامة، وكان له يومئذٍ بلاء، وغَناء، ومباشرة للقتال، وطَلَبٌ للشهادة حتى قُتل يومئذٍ شهيدًا سنة اثنتي عشرة، وهو يومئذ ابن خمسٍ وأربعين سنة. قال سعيد الخدري: سمعتُ عبّاد بن بشر يقول: يا أبا سعيد، رأيت الليلة كأنّ السماء قد فرجت لي، ثمّ أُطْبِقت عليّ فهي إن شاء الله الشهادة، قال: قلت: خيرًا، واللهِ رأيْتَ، قال: فأنظر إليه يوم اليمامة، وإنّه ليصيح بالأنصار: احطموا جفون السيوف، وتَمَيّزُوا من النّاس، وجعل يقول: أخلصونا أخلصونا، فأخلصوا، أربعمائة رجل من الأنصار ما يخالطهم أحد يقدمهم عبّاد بن بشر، وأبو دُجانة، والبراء بن مالك حتى انتهوا إلى باب الحديقة، فقاتلوا أشدّ القتال، وقُتل عباد بن بشر، رحمه الله، فرأيت بوجهه ضربًا كثيرًا ما عرفته إلاّ بعلامة كانت في جسده.