أخر المستجدات
انعكاسات هجرة الأندلسيين على دول المغرب العربي

انعكاسات هجرة الأندلسيين على دول المغرب العربي

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف المرسلين
وبعد
سقطت غرناطة (897هـ=1492م)، بعد خكم الاسرة النصرية الخزرجية الانصارية والذي داام لا كثر من قرنين ونيف منهية بذلك الوجود الاسلامي بالاندلس وحقبة من ازهى الحقب في تاريخ الامة ككل لتعلن عن ميلاد المسالة الاندلسية بدول الجوار ” المغرب العربي” ودول اخرى كمصر وتركيا والاردن وغرب افريقيا فقد هاجرت عوائل واسر وان كانت متاثرة بصدمة السقوط الا انها محملة بتراث ادبي وثقافي وعمراني وحضاري ساهم لا محالة في انعاش وتطوير تلك الدول المذكورة انفا الذكر في مختلف المجالات فكانوا اضافة نوعية نتيجة خبراتهم واهليتهم في تلك المجالات ومن العوائل ابناء الانصاار سواء من العائلة الحاكمة او من ابناء عمومتهم فتجد ابناء الاحمر بالمغرب والجزائر وتونس وابناء الزغل او الزغيلات بالاردن وبنو انفا وجزء من ابناء اهل السوق بغرب دول افريقيا ( تينبكتو وكيدال) وجزء من ابناء حنين ( اولاد تيدرارين) بالصحراء  والتقاطيون وبارتيلون والخطاطون والبصاديون وابناء يادس وبعض ايدولحاج وبعض من ايدشلي بموريتانيا وعوائل بو منديل وسكيرج والشاط وبو عشرين ومؤسسي الزواية الناصرية بحواضر فاس ومراكش ومكناس وغيرها من الدول والمدن فكانوا بالفعل بناة ومساهمين في خلق ثورة تنموية واقلاعا اقتصاديا وتطورا حضاريا وفكريا في تلك الدول اترككم مع نموذج الاسهامات الكبرى لهم بدول المغرب العربي اليكم

2014-grinada_621002668 :

أ-الانعكاسات الإيجابية:
كانت لهجرة أهالي الأندلس إلى دول المغرب العربي ، إيجابيات وسلبيات، أفادت وأضرت بدول المغرب العربي ، لكن فوائدها كانت أكبر، لأن الجالية الأندلسية ساهمت مساهمة فعالة، في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية.

لقد استفاد الجزائريون و المغاربة و التونسيون أيما استفادة من الخبرة العمرانية، التي كانت بحوزة الأندلسيين.
ولاحظ الدكتور سعيدوني أن دول المغرب العربي لم تشهد نهضة عمرانية، كالتي عرفتها بدءا من مطلع القرن الخامس عشر.
فأسس الأندلسيون عدة قلاع، وحصون، ومدن ساحلية أو قريبة من الساحل، مثل القليعة والبليدة وشرشال، أصبح فيها عدد المنازل التي تعود للأندلسيين، تقدر بحوالي أثنى عشر ألفا.

كما ازدهرت على عهدهم انتشار العيون، والسواقي، وتنظيم الري، وكانت تدخل ضمن الأعمال الخيرية.

جاءت هذه النهضة العمرانية والبشرية، التي عرفتها دول المغرب العربي ، واختلط سكانها بالقادمون الجدد ، كان ذلك نعمة لدول المغرب العربي خاصة وان الجزائر التي تعرضت إلى انهيار ديومغرافيا وانكماش بشريا، نتج عن اجتياح الأوبئة وتكرر المجاعات واضطراب الأمن، منذ أواخر القرن 14 وأوائل القرن 15م

وقد ساعد امتزاج الفن المغاربي، بالفن الأندلسي وجود حذاق من الجالية الأندلسية التي استقرت بدول المغرب العربي منذ القرن الخامس الهجري، واستمرت عملية الامتزاج نحو ثلاثة قرون… فأصبحت تلمسان ببناياتها وحدائقها أشبه بإشبيلية وغرناطة في روائعها الفنية وطبيعتها الفتانة.
كما برع سكان الأندلس في النقش على الخشب، عبروا عن عبقريتهم هذه في صنع المنابر، تحمل صورا، وزخارف هندسية رائعة في أسلوب مغربي إسباني حمله إلى شمال إفريقيا الفنانون الأندلسيون)).

ولم تقتصر مساهمة مهاجري الأندلس في الميدان العمراني فقط، بل أطالته في جميع الميادين لأنهم كانوا شعبا حيويا ونشيطا ذو حضارة راقية ممزوجة بين حضارة الشرق والغرب، ولأنهم امتزجوا امتزاجا كليا مع الجزائريين وكونوا شعبا واحدا متلاحما، عاد ذلك كله بالخير واليمن على الجميع.
ففي الميدان الحربي مثلا، ساهمت القوة البشرية في تدعيم القوة الدفاعية للجزائر فأقبل العديد منهم للعمل في الأسطول الجزائري، للدفاع على السواحل الجزائرية، وصد الغارات الأوروبية المتكررة.

كما ساهموا في تحرير كثير من مدن المغرب العربي ، التي أحتلها الإسبان، وقضى عروج على المتعاملين مع العدو الإسباني ومنهم شيخ تنس، بمساعدة مهاجري غرناطة وكان ذلك سنة 1517 م.
وبحكم طول مدة عيش مهاجري الأندلس بإسبانيا، فقد أفادوا الجزائريين و المغاربة و التونسيين ، بإعطاء صورة واضحة عنها فتمكن المغاربة بمساعدة مهاجري الأندلس من معرفة نقاط القوة، ونقاط الضعف لخصمهم الإسباني لذلك حضروا لهم استراتيجية حربية محكمة، تتلاءم وشدة حماس الأندلسيين في الانتقام من سالبي حقوقهم و طردهم من بلادهم المتمثل في العدو الإسباني.

كما انتفعت دول المغرب العربي أيضا بالخدمات الاقتصادية للأندلسيين المهاجرين إليها، ففي الميدان الزراعي مثلا فقد طوروا النمط الفلاحي في الجزائر وذلك بإدخال تقنيات زراعية متطورة، فارتفعت نسبة الأراضي المستصلحة في متيجة، وعنابة، وتلمسان ووهران التي اشتهرت، بإنتاج مختلف أنواع الفواكه، مثل حب الملوك والإجاص، والتفاح والبرتقال، والعنب إلى جانب زراعة الزيتون والخضر والفواكه بمتيجة و زراعة التوت والأرز والقطن في مستغانم ومليانة وعنابة.

وخير منطقة لاقت عناية أكبر في الميدان الزراعي، من طرف مهاجري الأندلس، سهل متيجة وأخص بالذكر فحص مدينة البليدة الذي اقتطعه خير الدين لجماعة من الأندلسيين تحت رعاية الشيخ سيدي أحمد الكبير، الذي استقر بوادي الرمان والذي أصبح يعرف فيما بعد باسم وادي سيدي الكبير، وبذلك غدت البليدة، وأحوازها تتميز طيلة العهد العثماني بإنتاجها الوفير وبجناتها الفيحاء، التي كانت ملاذا للجنود الأتراك المتقاعدين.

لم يكن الأندلسيون فلاحين فقط، بل كانوا أيضا صناعيين مهرة، فقد برعوا في مختلف المهن فكانوا بحق عمال ورشات مختصة في الخياطة (جلود، حرير، أقمشة)، والنجارة والحدادة، فمازالت صناعة القطيفة والشبيكة النسوية شاهدة على براعة المرأة الأندلسية في الجزائر.
كما ازدهرت صناعة الزرابي، على يدهم في نواحي الغرب الجزائري، وخاصة تلمسان، بل يعود إليهم الفضل في تحسين صناعة الأسلحة، وإعداد البارود، وتطوير صناعة السفن، بمنائي الجزائر وشرشال.

كما ساهم الأندلسيون بأموالهم الكثيرة، التي تمكنوا من نقلها معهم إلى دول المغرب العربي واستثمروها في الفلاحة والصناعة، وخاصة عملية الجهاد البحري، لإشفاء غليلهم من الإسبان الذين سلطوا عليهم شتى أنواع العذاب والاضطهاد فظهر منهم (الأندلسيين) رياس مرموقين، لهم باع طويل في مداعبة البحر وركوبه، وهم مراد الكبير وأحمد أبو علية.

وهكذا تكون دول المغرب العربي ، قد استفادت من خدمات وصنائع مهاجري الأندلس، كما استفادوا هم أيضا من دول المغرب العربي التي وجدوها مجالا خصبا، وفضاءا سياسيا يتحركون فيه بحرية وأمان وسلام، وملكت هذه الجالية في الجزائر ما لم نستطيع ملكه في إسبانيا ذاتها.
وهكذا فقد موّن وموّل أندلسيو دول المغرب العربي العملياتِ الجهاديةَ، فأصبحت دول المغرب العربي و أهمها الجزائر تكبر في أعين أعدائها يوما بعد يوم وفي مختلف القطاعات، ولكن في نفس الوقت جلب لها كيد الأعداء وتربصهم لها في كل الأوقات والأحوال.

وإذا عرجنا إلى الميدان الاجتماعي والثقافي، فهو الآخر قد ترك الأندلسيون فيه بصماتهم، فقد أضحى الأهلي الأندلسي رقما هاما وفعالا في المعادلة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ولا يمكن تجاهله أو الاستغناء عن نشاطه الدؤوب.|

فلقد انصهر الأندلسيون و المغاربة في بوتقة واحدة، عن طريق الزواج لما يربطهما من وحدة اللغة و وحدة الدين ووحدة الحضارة ووحدة المصير المشترك، فزادت هذه اللحمة من صلابة دول المغرب العربي ، والتي ما فرطت في الدفاع عنها بكل غال ونفيس.

فرغم هذا التجانس العرقي واللغوي والديني والحضاري بين الاثنين، إلا أن الدكتور ناصر سيعدوني استطاع بفكره الثاقب أن يرصد لنا سبعة مميزات كانت تميز الجالية الأندلسية عن غيرها من بقية طوائف مجتمع دول المغرب العربي وهي:
حنين الجالية الأندلسية إلى وطنهم الأصلي والعودة إليه، وأكثرهم علما وثقافة عن باقي المجتمع (النخبة) لمستواهم العالي الذي تحصلوا عليه وهم بالأندلس، الأجانب أكثرهم جهادا وحماسا ضد النصارى الإسبانيين لما عانوه منهم، وأصبحوا يشكلون برجوازية وطنية حقيقية في المدن الساحلية، وصبغها بصبغتهم الأندلسية، وتميزهم بذوق رفيع وطريقة حياة لها أصولها في المأكل والملبس والعمران، وتعلمهم المتحضر وأخلاقهم المهذبة، ومنازلهم القرميدية المؤثثة والمجهزة بأحسن أنواع الفراش والزخارف المتفنن فيها وغنى قاموسهم اللغوي، المتميز بلهجتهم العربية المميزة مثل استعمال الألف بدل القاف مثل (أهوة بدل قهوة وأرابة بدل قرابة، وقلب التاء مكان الثاء، مثل تور بدل ثور، وتريا بدل ثريا، إلى جانب أنهم عملوا على شيوع بعض المفردات الإسبانية بين أفراد المجتمع الجزائري، وأهم نقطة إيجابية في هذا الموضوع أنهم شجعوا سكان شرشال وبجاية، وأرزيو ودلس وتنس على استعمال اللغة العربية إلى جانب لهجتهم البربرية، وجود جماعة يهودية متميزة من أصول أندلسية (السفرديم)، خاصة في مركزها الرئيسي في تلمسان، وبداية الدمج الفعلي والجماعي للجالية الأندلسية في المجتمع الجزائري منذ نهاية القرن الثامن عشر الميلادي.

ويضيف الدكتور سعيدوني أربعة عوامل أساسية ساهمت بقوة في عملية ذوبان ودمج الأندلسيين و هي: استمرار خطر التحرشات الإسبانية على سواحل دول المغرب العربي ، فدفعهم ذلك إلى النزوح إلى المناطق الداخلية، وعدم تجاوب الحكام الأتراك مع همة ونشاط الأندلسيين، بحيث لم يلقوا الدعم الكافي والتحفيز المطلوب، ونظرة الأتراك لهم بنظرة متساوية مع بقية السكان، تفتح الجزائريين و المغاربة والتونسيون ومدوا يدهم الممدودة لإخوانهم الأندلسيين، في أن يقاسموهم في أعز ما يملكون، زيادة على سوء الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية و السياسية التي عرفتها دول المغرب العربي في العصر المتأخر من عصر الدولة العثمانية، فقد انتشرت المجاعات والأوبئة و فقدان الأمن.
منتديات نجم نت ( المعتز بالله)
مع تحيات اخوكم ابو جاسم محمد عندالله الانصاري
مدير بوابة الانصار العالمية

اضف رد