بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف المرسلين
وبعد
كسائر الدول والكائنات لابد لها ان تمر من مراحل ” التاسيس – الازدهار- الانهيار) وان تغيب عنها الشمس تاركة اسهامات وبصمات واضحة فردية او جماعية قد تستمر لقرون لتصل للاجيال القادمة وحيث انه كثر اللغط وصدعنا اكثر المتامرين على كون بنو الاحمر ضيعوا غرناطة والاندلس عامة وهم نسوا او تناسوا الماليك التي سبقتها وان الامر متعلق بشر لابد منه وان طالت السنين وهناك لا ننكر تصدع البيت النصري الانصاري الحاكم وقتها نتيجة ظروف اغلبها خارجي وانحصارها ضمن رقعة جغرافية استطاعت ان تستمر لازيد من قرنين ونيف ومرد هذا انه علينا نتسم بالموضوعية واحقاق الحق في هذه الاسرة والمجتمع الغرناطي الذي صمد وكافح حتى الرمق الاخير واستطاع ان يعطينا صورة نموذجية لمجتمع موحد بمختلف طوائفه واثنياته وديانته حتى . ورغم ما يعانيه فكانت له اسهامات كبيرة في النسيج المجتمعي وسنسرد عليكم امثلة منها
حيث يقول راغب السرجاني
حضارة غرناطة .. عظمة الحضارة الإسلامية
الصراع بين قشتالة وأراغون طيلة ما يقرب من مائتي عام، منذ سنة (709هـ= 1309م) وحتى سنة (897هـ= 1492م) ظلَّ الحال كما هو عليه في بلاد غرناطة، ولم تسقط. وكان السر في ذلك والسبب الرئيس، والذي من أجله حُفظت هذه البلاد هو وجود خلاف كبير وصراع طويل كان قد دار بين مملكة قشتالة ومملكة أراجون، (المملكتان النصرانيّتان في الشمال)؛ حيث تصارعتا معًا بعد أن صارت كل مملكة منهم ضخمة قوية، وكانتا قد قامتا على أنقاض الدولة الإسلامية في بلاد الأندلس.
الموكب الحضاري لمملكة غرناطة [1] كانت غرناطة تتردَّد بين القوة والضعف وبين الهزيمة والثبات وبين الأمن والقلق وبين الهدوء والاضطراب، رغم ذلك في الدَّاخل كانت -خلال عمرها البالغ حوالي قرنين ونصف- تمتلئ بالإنتاج، كما تطفح بالخير والرفاه، توفرت لها أيام مشهودة في الانتصار والغلبة، مع قلة الإمكانيات وقسوة الظروف وكثافة الأعداء. في هذه الظروف -وحتى مع الأيام العصيبة والانشغال- استطاعت أن تسير في الموكب الحضاري، على قدر ما أوتيت من إمكانيات، وأن تُقَدِّم ألوانًا عديدة من الإنجاز؛ مما يدل على حيوية هذه الأمة المسلمة واستعدادها للعمل والإنتاج، بقدر ما لديها من معاني الإسلام، وما تمتلك من رسوخ عقيدته، إن الذي أصاب المسلمين بتقصيرهم وتخاذلهم حين الهبوط عن المستوى الكريم الذي أراده الإسلام كان أكثر مما أصابهم من عدوهم[2]. مع اعتبار أهمية هذا الأخير في الإشغال والاستنزاف والإطباق من كل جهة، ينتقص من أطرافها ويأكل وجودها ويطحن حضارتها، ترابًا تذروه رياحها العاصفة.
المحافظة على ما تبقى للأندلس من أرض أول إنجاز هو الاستعداد – في تلك الظروف – المحافظة على ما تبقى للأندلس من أرض، تأوي إليها البقية الباقية، والسير في الوجهة القويمة على قدر؛ بعض هذه الإنجازات كانت موجودة واستمرت، وبعضها الآخر وجد أيام غرناطة؛ وجدت أيامها «مشيخة الغزاة»، التي خلَّفت تلك البطولات بجانب الانتصارات الأخرى
[3].
الحفاظ على التكوين والبناء الاجتماعي أمكن الحفاظ على التكوين والبناء الاجتماعي في عدد من الجوانب، ولو بحدود تضيق أو تتسع، وهو الذي ساعد على الوقوف في هذا الخضم الصعب لعدة أجيال، كما أن الآفاق والقيم التي رعاها وحافظ عليها أنتجت بناء حضاريًّا كبيرًا في مختلف الميادين، قد تغور أحيانًا بعد أن كانت تفور.
التقدم العلمي والثقافي وفي العلوم المتعددة الحقول قدمت التآليف الكثيرة والإنتاج الضخم، كما حافظت على ما خطته يد العلماء الذين سبقوا وانتفعت به. نجد ثَبْتًا طويلاً من أسماء اللامعين بعضها في الإحاطة لابن الخطيب وفي نفح الطيب للمقري، كما أُنشئت المدارس ومعاهد العلم الأخرى في كل ناحية، وتوفرت الاختراعات؛ من مثل: المدافع التي ترمي نوعًا من المحروقات، وتحويل البارود إلى طاقة قاذفة، وانتقلت عنهم إلى أوربا [4]، وما يزال متحف مدريد الحربي يحفظ حاليًا البنادق التي استعلمها المسلمون في دفاعهم عن غرناطة.
التقدم الصناعي والزراعي وفي الصناعات ازدهرت أنواع كثيرة؛ فقد كانت هناك صناعة السفن، ثم الأنسجة، وصناعة الورق والفخار المذهب العجيب[5]، وأنتجت الكثير في ميدان الأصباغ والدباغة والجلود، وصناعة الحلي، والصناعات الفنية الدقيقة. كذلك برزت بالزراعة ووسائل الري والعناية بها وأنواع المزروعات.
التقدم العمراني ثم الجانب العمراني المتمثل في المباني المختلفة؛ كالمساجد، والقصور، والدور، والقناطر، وقصر الحمراء الذي ما زال باقيًا، مزينًا بالنقوش التي تدل على فنية ماهرة رائعة، كذلك المباني الحربية المتعددة. وكان للتنظيمات المختلفة في المجتمع والدولة دورها وأهميتها، فقد غدت مدينة غرناطة في وقتها من أجمل مدن العالم بشوارعها وميادينها وحدائقها ومبانيها ومرافقها المتنوعة، وكانت تضم حوالي مليون نفسٍ، وتُصَدِّر كثيرًا من الصناعات إلى عدة بلدان؛ منها الأوربية. وظهرت آثارها على هذه البلدان الأوربية في بعض المسائل الأخرى المعنوية، فانتفعت – إلى حدٍّ – بالفروسية التي كانت لها الحفلات الرائعة المتفننة، بما تحتويه من ضروب البراعة والرشاقة والأعراف. ( انتهي كلام الدكتور)
ختاما ارتيات ان ابرز ضمن حملة تعريفية تلك الجوانب المخفية للحضارة الاندلسية والغرناطية على وجه الخصوص .محاولا اعطاء لمحات مختصرة سواء بمقالات من انجازي او لاساتذة اجلاء طرحوا المسالة وابرزوا عناصرها التاريخية والحضارية والاجتماعية وهنا لابد ان اؤكد انني التزمت الموضوعية ولم انساق حتى ان كان موضوع المقالات عائلة من عوائلنا التي حكمت غرناطة تحياتي لكم جميعا وشكرا جزيلا على المتابعة والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
اخوكم ابو جاسم محمد عندالله الانصاري
مدير بوابة الانصار العالمية