بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف المرسلين
وبعد
حلت اليوم ذكرى سقوط اخر معقل للمسلمين بالاندلس ( الفردوس المفقود والتي تصادف 02-01-1492. مملكة بنو الاحمر بنو نصر ابناء قيس بن الصحابي الجليل سعد بن عبادة الساعدي الخزرجي الانصاري امير الانصار وسيد الخزرج والتي استمرت وامدت في الحكم الاسلامي لازيد من 250 سنة لكن اليوم وانا اتابع بعض الكتابات والتعاليق حول الذكرى تبين لي ان اغلب الاخوة ابرزوا الجوانب السلبية تاركين الايجابية منها بل محملين بنو الاحمر الانصار المسؤولية التاريخية متناسين انهم اي بنو نصر خلدوا باثارهم وانجازاتهم وبادوارهم الريادية والطلائعية ويكفيهم فخر انهم استمروا لما يزيد عن 250 سنة وتحفهم المعمارية الشاهدة على حضارتهم ورقيهم ولعل ابرزها قصر الحمراء بغرناطة
المسلمين عربا او عجما او بربا اسهموا في اثراء الحضارة الانسانية ككل والغربية على وجه الخصوص والامثلة كثيرة لا يتسع المقام والمقال لذكرها جميعها لكن ساذكر لكم كتاب من تاليف مستشرقة المانية تحت مسمى” شمس العرب تسطع على الغرب ”
للكاتبة زيغريد هونكه والذي ابدعت فيه وذكرت فيه كل شئ بكل موضوعية بل ارفقته بشاهدات على فضل العرب وغيرهم في النهضة الغربية والانسانية جمعاء وهنا قد يقال انني متحيزا بحكم قرابتنا بني الاحمر لكن الحقيقة وجب ان تقال ونشرها وان تدرس للاجيال الحاضرة وحتى الصاعدة منها فحفظه وجب علينا وصيانته وكتابته بكل موضوعية و امانة علمية ولا يختلف اثنان ان حياة الدول كما حياة البشر والنظرية الخلدونية صالحة وفاعلة والتي تتمحور حول ( مرحلة التاسيس-مرحلة الازدهار – مرحلة الانهيار) هكذا هي الدول
لذا وجب احياء امجادهم وذكر فضلهم بعد الله على الاسلام والمسلمين وغيرهم من الاجناس والشعوب فان كانوا اساتذة الامس سياتي زمان نسترجع فيه كل امجادنا وكل هذا لن يتاتى الا بالرجوع الى كتاب الله وسنة رسول صلى الله عليه وسلم واستنهاض الهمم
وفي الختام اؤكد انني لست بمورخ ولا استاذ حتى لكن الحقيقة لابد ان تقال وان تصل الى الجميع وان نتفال كفانا انهزامية وانبطاحية اليكم اهم مراحل بنو الاحمر
دولة بني الأحمر (مملكة غرناطة) 620 – 897هـ
(بعد الانهيار المروع لسلطان الموحدين بالأندلس سنة 620هـ أخذ الصليبيون في الاستيلاء على قواعد الأندلس الكبيرة ومدنها العريقة الواحدة تلو الأخرى إشبيليه سنة 646هـ / بطليوس 626هـ / بلنسية 636هـ / بياسة 625هـ / جيان 644هـ / قلعة جابر 645هـ / شاطبة 647هـ / قرطبة 633هـ / قرطاجنة 640هـ / مرسية 641هـ / ميورقة 630هـ وفقدت دولة الإسلام بالأندلس معظم قواعدها التالدة في نحو ثلاثين عاماً فقط في وابل مروع من الفتن والملاحم
بعد هذا الانفراط المروع لعقد الدولة انحازت دولة الإسلام في الأندلس إلى الجنوب وتحديداً في مملكة غرناطة وفكر عدد من زعماء المسلمين في كيفية تثبيت الوجود الإسلامي بالأندلس والمنحصر في مملكة غرناطة وبالفعل نجحوا في ذلك واستمرت مملكة غرناطة قائمة ومتحدية للضغوط الأسبانية المتعاقبة ويرجع صمود مملكة غرناطة لهذه الفترة الطويلة من الزمان لعدة عوامل منها :-
1- وجود قيادة قوية ومحكمة من ملوك بني الأحمر وكان أولهم محمد بن يوسف النصري المعروف بابن الأحمر ويرجع أصله إلى الأنصار وبالتحديد سعد بن عبادة رضي الله عنه وكان محمد بن يوسف أول من أنشأ دولة غرناطة وقد استمر الملك في سلالة بني الأحمر حتى سقوط غرناطة وكان الرعيل الأول منهم على مستوى المسئولية ووصلت لأوج قوتها حتى عهد محمد الخامس سنة 763هـ وبعد موته لم يكن خلفاؤه على نفس المستوى فبدأت المملكة في الاندحار
2- التجاء كثير من المسلمين في الأندلس إلى مملكة غرناطة والتي كانت تمثل دار الإسلام وقتها بعد أن سقطت مدنهم الأصلية في يد الصليبيين وقد انحاز هؤلاء لغرناطة وهم موتورين حانقين على الصليبيين وكان منهم العلماء والأدباء والصناع والزراع وأرباب المهن والحرف فعمرت بهم غرناطة عمراناً حافلاً فلم يبق شبر من أرضها إلا استغل أحسن استغلال حتى وصل عدد المسلمين بتلك المملكة ستة مليون مسلم وهو عدد ضخم
3- مساعدة ملوك دول المغرب العربي لإخوانهم الأندلسيين وخاصة ملوك الحفصيين وملوك بني مرين وكلاهما قد قاما بوراثة دولة الموحدين وكان ملوك بني مرين خصوصاً يكثرون من إرسال المساعدات الحربية والجيوش لنصرة مسلمي الأندلس كلما ضغط الصليبيون على غرناطة
4- حالة الصراعات الداخلية والتفكك الذي ساد ممالك أسبانيا النصرانية في هذه الفترة من الزمان حيث سادت الانقسامات داخل مملكة قشتالة أكبر ممالك أسبانيا النصرانية ودخلت في صراعات دموية مع مملكة ليون وأراجون , هذه الصراعات قد ساعدت مملكة غرناطة على تثبيت أركانها وتقوية قواعدها والتفرغ للعمران والبناء وربما التوسع في بعض الأحيان .
استمر وضع مملكة غرناطة ثابتاً ومستقراً لفترة طويلة حتى بدأت أسباب القوة والاستمرار والتي ساعدت على قيام المملكة وقوتها في الزوال شيئاً فشيئاً فترك ملوك بني مرين المغاربة نصرة مسلمي الأندلس لانشغالهم بالحروب الداخلية مع الخارجين عليهم بالمغرب وبدأ الصليبيون في توحيد رايتهم واجتمعت مملكة ليون وقشتالة تحت راية واحدة بعد أن تزوج فرديناند ملك ليون وأراجون إيزابيلا ملكة قشتالة وأعلنوا قيام تحالف قوي ضد المسلمين , وفي نفس الفترة لم يكن ملوك بن الأحمر على مستوى خطورة المرحلة فانشغلوا بالصراعات الداخلية على الملك حتى أن معظمهم قد قتل في الصراع على الملك والأدهى من ذلك أن الترف واللين والتنعم قد استشرى في الشعب الغرناطي وتفرغوا لسفاسف الأمور وانتشر الفسق مرة أخرى وكل ما سبق كان ينذر بقرب السقوط
أفاق المسلمون من غفلتهم المؤلمة على جيوش الصليبيين بقيادة فرديناند وإيزابيلا تملأ عليهم الوديان والسهول وخاض المسلمون معارك طاحنة هائلة دفاعاً عن وجودهم وكيانهم الأخير ولكن هيهات هيهات لقوم قد فقدوا كل أسباب الانتصار وتقلدوا كل عوامل الهزيمة أن ينتصروا وبالفعل سقطت غرناطة في 21محرم سنة 897هـ / 4 كانون الثاني 1492 م كآخر معقل للإسلام بالأندلس وعقد آخر ملوك غرناطة أبو عبد الله معاهدة التسليم مع الصليبيين وهي مكونة من سبعة وستين شرطاً منها تأمين المسلمين على دينهم وأموالهم وعقيدتهم وحرياتهم مع العلم أنه لم يتم تنفيذ شيء من هذه المعاهدة
مع تحيات اخوكم و محبكم ابو جاسم محمد عندالله الانصاري