أخر المستجدات
الولي الصالح العلامة النحرير الشيخ سيدي عمر بن احمد الأنصاري مؤسس ” تمكروت وزاويتها المعروفة”

الولي الصالح العلامة النحرير الشيخ سيدي عمر بن احمد الأنصاري مؤسس ” تمكروت وزاويتها المعروفة”

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على اشرف المرسلين

وبعد

مؤسس تمكروت وزاويتها الشيخ سيدي عمر بن احمد الأنصاري

مرحلـــة التأسيــس

ـ تمكروت لفظة امازيغية مشتقة من “امكاورو” أي الأخير مقابل امزاورو أي الأول أو الرئيس وتتواجد قرب تكمدارت مهد السعديين تأسست على يد الشيخ أبي حفص عمرو بن احمد الأنصاري سنة 983/ 1675 م، وهو حفيد الشيخ سيدي ابراهيم بن احمد الأنصاري الخزرجي الذي اشتهر في المنطقة بسيدي الحاج ابراهيم بعد أن قدم من الشرق واستوطن درعة في غضون القرن الثامن الهجري، وإليه يعزى تأسيس زاوية سيد الناس، ولما توفي توارث بنوه زاويته من بعده، لكن زاوية سيد الناس لم تطر شهرتها إلا في النصف الأول من القرن العاشر (16م) بعد ما رجع إليها الشيخ أبو القاسم بن عمر التفنوتي المتوفى سنة 953/1546 م، إلا أن نجم هذه الزاوية سرعان ما

أفل حين أسس سيدي عمر بن احمد الأنصاري تمكروت، وقد نوه العلامة سيدي محمد المكي الناصري به قائلا: (عمرو بن احمد الأنصاري النجار الدرعي النشأة والدار أبو حفص الوالي الصالح الزاهد الناسك) أخذ عن الشيخ سيدي احمد بن علي وعن أبي القاسم الغازي وتصدر لتلقين الأوراد الشاذلية حتى وافته المنية سنة 1010/1602، وخلفه أبناؤه وحفدته طوال ثلاثين سنة حتى آل أمرها إلى الشيخ سيدي عبد الله بن احساين القباب، الذي انتقل إليها بدوره من زاوية سيد الناس وقد ظلت تمكروت في بادئ أمرها مقتصرة على التصوف حتى ترأسها الشيخ سيدي عبد الله بن احساين الرقي نسبة إلى الرقة بلدة عراقية تقع على شاطئ الفرات والملقب بالقباب من أسماء الأسد، استقر به المقام بتمكروت وقصده القاصي والداني وأرسى دعائم طريقته الصوفية التي دعيت حينئذ الطريقة الغازية نسبة إلى شيخه سيدي أبي القاسم الغازي السجلماسي، فسلك طريق الصرامة مع مريديه لينسجوا على منواله الموصل إلى الله، فأصبح  الزعيم الروحي لبلدة تمكروت ، فكان نهاره صائم وليله قائم، يأكل من كد يده، عاش هذا الشيخ متجردا ولم يتزوج قط، فسلك سبيل الرياضة الصوفية الصارمة في بادئ أمره حتى اشتهر عنه انه (يمكث سبعة أشهر لم يذق طعاما إلا الحشيش وقليلا من التمر) وحين يتحدث المصدر عن طعامه يقول(وكان قوت يومه لا يتعدى عشرة ثمرات وقدر ثلاث لقم من الطعام وجرعة من الحساء ولا يفطر يوم الجمعة) ويضيف احمد بن خالد الناصري في السياق نفسه( فاشتهر أمره وعرفت ولايته وخصوصيته) ومن ثم اضطلع بمسؤولية الدعوة إلى الله.

انبنت هذه الطريقة على الذكر الذي وضعه الشيخ سيدي عبد الله بن احساين لتحقيق دوام الاتصال بالله تعالى واطمئنان قلب الذاكرـ لان الاطمئنان هو اكبر ثمرات الذكرـ وارتكز ذلك الذكر على ورد وظفه الشيخ على مريديه ومداره على (لا اله إلا الله) بصفة خاصة، فصنف مريديه حسب قدر الورد الموظف عليهم، فكان ورد المتجردين سبعين ألفا (لا اله إلا الله) والمتوسط في السبب اثني عشر ألفا والمتوغل سبعة آلاف والطالب ألف والمرأة كذلك.

كان من قدر الله أن وفد على تمكروت العالم الشاب محمد بن ناصر قادما إليها من أغلان الواقعة شمالا على بعد أربعين كلومتر باحثا بدوره عن شيخ للتربية بعدما حصل على نصيب غير

يسير من العلم ، كان ذلك سنة 1040/1631 حينما كان الشيخان سيدي عبد الله بن احساين القباب والشيخ سيدي احمد بن إبراهيم يعملان جنبا إلى جنب للنهوض بالزاوية، وفي الوقت الذي تلقن فيه الورد عن الأول، ندباه معا إلى الإقامة في تمكروت لبث العلم وتعليم طلبة الزاوية ومريديها، ورغم اعتذار سيدي محمد بن ناصر بأسباب مختلفة لم يكن يسعه إلا أن اقتنع أمام إلحاح الشيخين بقبول ذلك الطلب، فتصدر لتدريس العلم بالزاوية كما ترتب للإمامة والخطابة بمسجدها ،

وبذلك أعطى زحما جديدا للزاوية فطارت شهرتها في الآفاق،  إلى أن توفي الشيخ سيدي عبد الله بن احساين  يوم الجمعة 12 جمادى الثانية سنة 1045/ 1636.

مشيخة سيدي احمد بن إبراهيم 

هو الشيخ سيدي احمد بن إبراهيم الأنصاري، نسبة إلى الأنصار من عرب يثرب، وينتمي حسب مترجميه، إلى الصحابي الجليل سعد بن عبادة الخزرجي، ومعلوم أن سلالة الأنصار قد وفدت إلى الغرب الإسلامي في فترات مختلفة من التاريخ  .

ولد هذا الشيخ سنة 1001/1593بتمكروت من والدين صوفيين زاهدين، فأمه ميمونة بنت عمرو الأنصارية التي تذكر المصادر أنها كانت من العابدات ، تلبس خشن الثياب..وما قعدت على حصير إلا قلبتها.. وجلست على الخشن المشوك حتى قورنت برابعة العدوية…

ونظرا لزهدها فقد تولت حيازة أحباس الزاوية في عهد ابنها وتدبير توزيعها على مستحقيها من طلبة العلم وأبناء السبيل والزوار، أما أبوه إبراهيم بن عبد الله الأنصاري فقد عرف هو الآخر بالصلاح  فلذلك فلا غور أن يسير على نهج أسلافه، وتكرر عن أصحاب التراجم أنه أخذ الورد عن الشيخ سيدي عبد الله بن احساين القباب، فكان لسانه في تلقين الأوراد وتربية المريدين ووعظ الفقراء مما يدل على المكانة التي تبوأها عند شيخه، وكيف لا وهو الذي وقف نفسه على شيخه حتى أنه لم يتزوج لكي لا تشغله الزوجة عن القيام بخدمته، ومن ثم لم يكن من الغريب أن يولي أمر الزاوية بعد وفاة شيخه، فسلك مسلكه في العبادة ، حيث اجتهد فيها غاية الجهد،فلم يكن ينام من الليل إلا القليل، وكان يصوم يوما ويفطر يوما كما أمره شيخه،  ومن زهده أنه اقتصر في الطعام على خمسة عشرة ثمرة ونحو أربع لقم من الطعام بالإضافة إلى حساء العدس.

ومن زهده كذلك انه لم يقبل هدايا الولاة والعمال ولا ممن يتعاطى الشبهات، بنى المسجد الجامع بتمكروت وضريحا على قبر شيخه سيدي عبد الله بن احساين القباب، مما يفضي إلى الظن أن تمكروت في هذا العهد شهدت بعض اليسر فصارت تملك الاحباس كما أن شيخها أصبح يقوم بالتحكيم بين المتنازعين ويتوسط في الخصومات وصارت له وجاهة في المنطقة، ولعل ذلك ما أثار حفيظة أحد أعيان القصور المجاورة لتمكروت، شيخ قصر أكني المدعو يحيى بن عمرو الذي أقدم على اغتياله في ضحى يوم الجمعة حادي عشر جمادى الأولى عام 1052/1642، ودفن إلى جانب أمه السيدة ميمونة رحمه الله ونفعنا ببركات آمين، ليتولى بعده أمر الزاوية سيدي محمد بن ناصر.

اضف رد