أخر المستجدات
الذهب بالنيجر ومنجم عمر الانصاري

الذهب بالنيجر ومنجم عمر الانصاري

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على اشرف المرسلين

وبعد

موقع منجم عمر الانصاري

https://goo.gl/maps/88T3Hve8VTk

 منجم عمر الأنصاري من ضمن المناجم الصغيرة المعروفة عالميا بتحديد مساحتها وإنتاجها وفي القانون النيجري أقصى مساحة المسموحة واحد كيلو متر مربع وبإنتاج 500 كيلو من الذهب سنويا وأثبتت دراسة الجدوى التي أعدها مكتب globale للدراسات الجيولوجيا أن موقع المنجم يحتوي على مخزون الذهب بكميات كبيرة بمعدل 3 غرام في الطن الواحد.

وكالات

حوالي ثلاثة عشر ألف شخص، بحسب تقديرات السلطات المحلية في النيجر، وأكثر من ستين ألف وفقا لبعض المراقبين، تجمّعوا، منذ نحو شهر، في قرية ” توبو دي يابا ” في بلدة ريفية من “جادو”.. تلك المنطقة الصحراوية القاحلة الواقعة على بعد 1900 كم من العاصمة نيامي.. أعداد غفيرة توافدت على المنطقة بعد إعلانها موقعا للذهب، بحثا عن “الثروات الضخمة” التي تعجّ بها طبقاتها الأرضية..

بدت تلك الحشود الغفيرة المنتشرة في غير انتظام على أكثر من 20 ألف كم2 في حالة استغراق تامّة مع الفضاء الرملي والصخري المحيط بها.. أكثر من 15 جنسية، معظمهم من النيجر وتشاد، بالإضافة إلى عدد من الليبيين والسودانيين والموريتانيين والنيجيريين.. عدّتهم لم تكن أكثر من أجهزة للكشف عن المعادن ومعاول لنبش سطح الأرض والغوص في أعماقها.

في ذلك اليوم الحار من شهر مايو/ أيار. كانوا يمضون اليوم بأكمله وهم يحفرون الأرض في حالة تأهّب قصوى في انتظار سماع أجراس أجهزة رصد المعادن التي بحوزتهم تدوي في الصحراء.. كانوا ينتقلون بشكل متواصل، ويعيدون الحفر من جديد دون ملل أو كلل، قبل أن يمرّوا إلى مرحلة التدقيق والإمعان في الرمال والحصى المتكدّسة على جانبي الجفر، وذلك عبر إخضاعها إلى عملية نبش واسعة النطاق تستنفر خلالها كلّ الحواس بشكل متزامن، إلى حين العثور على المعدن الثمين..

منذ اكتشاف وجود الذهب المدفون تحت كثبانها في نيسان/ أبريل الماضي، تحوّلت منطقة “دجادو” إلى وجهة يقصدها الباحثون عن المعدن الثمين.. رحلة البحث عن الثراء جمعت جنسيات مختلفة، أبحرت جميعها في حلم الحصول على الذهب، لترسو في هذا الموقع أملا في تجسيد ذلك الحلم، فكان أن بعثرت إحداثيات الوضع في تلك المنطقة. تغيّر أثار استحسان البعض ممّن سعدوا باكتشاف هذه الثروات في أراضيهم، فيما شعر آخرون بالاستياء من انقلاب النعمة المرصودة تحت طبقات أراضيهم إلى نقمة.

”ابراهيم” هو أحد المنقّبين النيجريين الذين قدموا إلى موقع “دجادو” بحثا عن الذهب، رجل يافع في الثلاثين من عمره اختار الإثراء من بابه الواسع.. قال متحدّثا عن خفايا نشاطه ذاك “نحن لا نحفر إلى مستوى عميق في باطن الأرض”، مشيرا إلى أنّ “المنقّبين كانوا يجمعون شذرات الذهب من الرمال” عند انطلاق أشغال الحفر في البداية.

وصول الباحثين عن الذهب أحدث جلبة وضوضاء في بلدة كانت إلى وقت قريب تغوص في صمت طويل، لتتحوّل في وقت قياسي إلى عاصمة مليئة بالحيوية والحياة. ففي السابق، كانت البلدة معروفة بانتاج الصودا (مادة لصناعة الزجاج)، والملح والتمور، بالإضافة إلى ما تتضمّنه من نقاط جذب كان من الممكن أن تجعل منها قطبا سياحيا صحراويا هاما.. فـ “دجادو” أو “كاوار” كما يحلو للبعض تسميتها (تجمع واحات “بيلما” و”ديركو” و”دجادو” و”فاشي”) دخلت في سبات عميق و”خمول غير مسبوق في أعقاب التمرّد المسلّح في سنتي 1990 و2007”.. هكذا قال النائب السابق عن “بيلما” “آجي ماردي طاهر” وهو يسترجع أحداثا عاصفة غير بعيدة، قبل أن تستعيد ملامحه بعض الهدوء وهو يتحدّث عن النقلة النوعية التي تعيشها المنطقة جراء اكتشاف وجود المعدن الثمين فيها.. “المنطقة في طريقها لأن تتحوّل إلى قطب منجمي”. نقطة ارتكاز هامة في تاريخ المنطقة، إلاّ أنّ طرق التنقيب تقتصر على الوسائل التقليدية، وعمليات بيع الذهب تجري بمنأى عن قنوات التوزيع الرسمية”، يقول النائب.

رئيس بلدية “دجادو” “سيدي آبا لوّل” قال للاناضول إنّ بلدته هي المستفيدة الوحيدة في الوقت الراهن من هذا الاكتشاف، بما أنّها فرضت ضريبة على الأجهزة المستعملة في التنقيب، حيث تحصل يوميا على غرام واحد من الذهب عن كلّ جهاز مستعمل، وعلى مبلغ 20 ألف فرنك افريقي (حوالي 41.82 دولار) كرسم دخول كلّ منقّب إلى الموقع.

وفي المقابل، شهدت المنتجات والسلع الأساسية ارتفاعا مجحفا في أسعارها، ونقصا ملحوظا في كمياتها المتوفّرة للبيع في المتاجر، منذ اكتشاف الذهب في هذه المنطقة النائية من البلاد.. فلقد أصبح من النادرالحصول على المعجّنات والحليب المجفّف والبسكويت من متاجر “ديركو” و”سيغيدين” و”شيرفا” (قرى تابعة لبلدية دجادو). كما سجّلت القوارير من حجم 25 لتر، والتي تستخدم في نقل وحفظ المياح وغيره من المشروبات نقصا فادحا وصل إلى حدّ الاندثار تماما من رفوف التجار.

”ليغاري آبا” هو أحد سكان المنطقة التقاه مراسل الأناضول في “ديركو” قال معقّبا على الموضوع “في بعض الأحيان، يتوجّب علينا الانتظار لمدّة أيام كاملة للتزوّد” بالحاجيات الأساسية.

ولئن شكّل اكتشاف الذهب في “دجادو” نعمة بالنسبة للبعض، فقد رأى فيه البعض الآخر نقمة .. وهؤلاء الذين عبّروا عن سخطهم من هذا التغيّر قدّموا مجموعة من الحجج من قبيل “قارورة بسعة 25 لترا كانت تباع في السابق بألف فرنك افريقي (2.09 دولار)، ارتفع ثمنها اليوم إلى ألفين (4.18 دولار). كما ارتفعت كلفة التنقّل من “أغاديز” (كبرى مدن شمال النيجر) وصولا إلى “ديركو” (بلدة ريفية في نفس المنطقة) من 10 آلاف فرنك افريقي (أي حوالي 20.91 دولار) إلى 50 ألف (104.54 دولار). أمّا سعر البنزين فقد شهد هو الآخر ارتفاعا صاروخيا حمله من 750 فرنك افريقي لللتر الواحد في السابق (1.57 دولار) إلى 1.250 فرنك افريقي (أي 2.61 دولار).

”آبا” أضاف قائلا “نأمل أن تتدخّل الدولة من أجل أن يتمكّن السكان المحلّيون من الاستفادة من ثروات المنطقة”.

تقع جادو بأقصى الشمال الشرقي للنيجر، على الحدود مع ثلاث دول هي نيجيريا وليبيا والجزائر، وعلى بعد 1900 كم من العاصمة نيامي، و930 كم عن “أغاديز” كبرى مدن الشمال النيجري. ويعيش في واحاتها الأربعة حوالي 4 آلاف ساكن.

ووفقا للنائب السابق بالبرلمان النيجري، فإنّ الحياة في المنطقة ترتكز بالأساس حول الواحات الأربع (بيلما، ديركو، سيغيندين وفاشي)، والتي تسكنها شعوب الـ “كانوري” والـ “توبو”، وهي أهمّ المحموعات العرقية المتواجدة في المنطقة. وتتمحور أنشطة هؤلاء السكان بالأساس حول إنتاج التمور والصودا والملح، ولكلّ واحة خصائصها التي تميّزها عن الأخرى. كما ينشط السكان في مجال “التجارة بين النيجر ودول الجوار الثلاثة”، وفقا لـ “آجي ماردي طاهر”.

ويأتي اكتشاف الذهب بـ “دجاو” في الوقت الذي أصبحت فيه المنطقة مركزا لعبور الآلاف من الناس المتّجهين نحو ليبيا، ما يعني أنّ عددا كبيرا منهم سيفضّل العدول عن رحلته والبقاء في أرض تبشّر بتحويل حياة أصحابها إلى جنّة.

فبالنسبة للنائب، فإنّ ما يشكّل الحدث هو عملية اكتشاف الذهب، وليس المعدن في حدّ ذاته، لأنّ التوصّل إلى نتيجة مماثلة يعتبر “تجسيدا لجملة الأفكار المطروحة في المنطقة منذ زمن.. ولقد علمنا بوجود الذهب من خلال المحفوظات الاستعمارية، بما في ذلك مثلّث الأمل”.

ويتكون مثلث الأمل من سهول “اغاديم” باتجاه الجنوب (منطقة انتاج النفط حاليا في نيجيريا)، ومن منحدرات “أوريدا” (منطقة استغلال الذهب) ومن “إيفيروان” (وهي بلدة ريفية في النيجر تقع في منطقة أغاديز وتعرف بانتاج اليورانيوم).

ومن جهته، يرى رئيس قسم الجيولوجيا بكلية العلوم والتكنولوجيا بجامعة عبدة موموني بنيامي “كوناتي موسى” أنّ موقع الذهب في “دجادو” يطرح “تحدّيات ومخاطر” في الآن نفسه.

وأوضح “موسى” في تصريح للأناضول أنّ “الذهب يتواجد في معظم الحالات في الرواسب الغرينية التي نقلتها و أودعتها التيارات المائية، وهو ما يستدعي إجراء بحوث على عمق آلاف الامتار.. لذلك، وبالنسبة لموقع دجادو والذي يتم فيه التنقيب على عمق بضعة 15 سنتمترا، فإنّه من المحتمل أن لا تتم عملية نقل الذهب من طرف التيارات المائية، وهذا يعني أنّ الذهب الموجود في موقع دجادو على شكل مصبّ، وهذا يشكّل “اكتشافا مذهلا”“.

وطرح “موسى” فرضيتين لتشكّل الذهب في هذه المنطقة من النيجر، الأولى جيولوجية (الجيولوجيا هي دراسة علم الأرض) بحتة، حيث يفترض الأولى أن المصادر الجذرية قد تكون طفت إلى السطح بفعل العوامل الحرارية (المتعلقة الحرارة). أما الثانية، فهي انتروبولوجية (الانتروبولوجيا هي دراسة علم الانسان)، ومرتبطة بالشعوب الذين سكنوا المنطقة في العصر القديم.

وبالنظر إلى طبيعة العيّنات من الذهب، خلص “موسى” إلى أنه من المحتمل ان تكون “شعوب الحضارات القديمة هي من قام بتشكيل الذهب ودفنه”. و”وحدها الحفريات الجيولوجية والأثرية من يمكنها تثمين هذا الاكتشاف”، مضيفا إلى أنّه من غير الممكن في الوقت الراهن تحديد المدّة الافتراضية للانتاج”.

وتركّزت أعمال التنقيب بمنطقة “كاوار” منذ الحقبة الاستعمارية على الأنهار الجليدية والصخرية وعلى النفط، في حين شملت عمليات البحث عن الذهب الكتلة الصخرية بـ “آير” الواقعة في الشمال.

لا يعرف الصبي سولي زوركيلي «12 عاما» مهنة اخرى سوى العمل بالمناجم… وقال «حينما تدلف الى هناك ينال منك التعب مبلغا.. وحينما يتملكك التعب بشدة فانهم قد يسحبوك بحبل وربما تموت هناك». ففي احد مناجم صحراء النيجر يعمل الاف الاطفال للحصول على الفتات او لا يحصلون على شيء بالمرة.. فهم يدفعون لهم فقط حينما يعثرون على الذهب. وتتشابك الايدى ليهبط الاطفال بصعوبة الى مدخل المنجم الذي يبلغ عمقه 80 مترا لقطع الحجارة الى اجزاء صغيرة واستخراج الذهب. وترتفع درجات الحرارة الى 40 درجة مئوية عند منجم كوما بانجو على بعد 160 كيلومترا خارج العاصمة نيامي فيما تصبح اكثر حرارة تحت سطح الارض. وقال زوركيلي «انها مخاطرة على الاطفال للنزول الى هناك لان الحرارة شديدة جدا». ويعيش نحو 50 الف شخص ويعملون في هذا المنجم و30 في المئة منهم من الاطفال طبقا لتقدير ابراهيم بالا من منظمة العمل الدولية وهو احد عمال الاغاثة القلائل ممن يقومون بزيارة المنجم بانتظام. وقال بالا «العمل يمضي في ظروف لا يتحملها البالغون فما بالنا بالاطفال..اليوم لا يتحمل بالغ او انسان ان يرى ولده في قاع مداخل المنجم هذه». وانصب الاهتمام مؤخرا على عبودية الاطفال في منطقة غرب افريقيا بعدما تصدرت انباء مطاردة سفينة يشتبه انها تقل عبيدا من بنين عناوين الاخبار فى انحاء العالم. وبغض النظر عن كونهم عبيدا ام لا فان هناك ملايين الاطفال في المنطقة يخاطرون بحياتهم وصحتهم كل يوم في كد للحصول على لقمة عيش تسد رمقهم وتعول اسرهم. وفي كوما بانجو ينزل الاطفال بالحبال الى مداخل المنجم الخطرة. ويعمل مئات اخرون في مجموعات في مخيمات او في العراء المعبأ بالتراب والضجيج ويقومون بتقطيع الاحجار بمعاول يدوية او يغسلون وينخلون الحصي في جو قائظ. وقال العمال ان مداخل المنجم تصبح اكثر خطورة اثناء الليل حيث تغرق المدينة في ظلام مما يعرضهم للسقوط بالداخل. ومع ذلك يستمر الحفر طوال اليوم.. ولم لا.. فحتى في وضح النهار تغرق انفاق المنجم في ظلام دامس والوسيلة الوحيدة للعمل هو كشاف صغير مثبت على جباههم. وتجتذب المدينة حفارين من بلاد منطقة الساحل على الحواف الجنوبية للصحراء الافريقية وهي احدى افقر المناطق في العالم. وقال بالا ان القرويين تجتذبهم احلام الحصول على غنيمة ضخمة وثراء سريع دائم. ويتم بيع رماد الذهب الى المشترين في نيامي حيث يتوافد التجار من كل حدب وصوب بالمنطقة لتدب فيها الحياة. ويأمل بالا في تطبيق سلسلة من الخطط لتحسين وضع عمالة الاطفال التي يقول انها تواجه العديد من الاخطار في مدينة تنتعش فيها الدعارة وتباع فيها المخدرات علنا. ويرغب بالا في ان تسن قوانين تحظر العمل على الاطفال دون الثانية وتعليمهم مهارات مهنية. وقال ان نقص التعليم يعد انتهاكا للطفولة مثل باقي الاخطار الاخرى. ـ رويترز7598 _163712_dar

اضف رد