أخر المستجدات
الشاعر و المهندس المعمارى الغرناطى أبى إسحاق إبراهيم الساحلى الأوسي الأنصاري ( ابن الطويجن )

الشاعر و المهندس المعمارى الغرناطى أبى إسحاق إبراهيم الساحلى الأوسي الأنصاري ( ابن الطويجن )

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف المرسلين
وبعد
الانصارالاندلسيين وخصوصا الغرناطيين منهم والذين نزحوا نحو الصحراء الكبرى مرورا بالمغرب قبل وبعد سقوط غرناطة سنة 1492 ميلادية لم ينالوا نصيبهم بالبحث والتعريف بهم مع العلم ان محاكم التفتيش الاسبانية لاحقتهم غرب افريقيا وشرقها فكانت هجراتهم جماعات وفرادى محملين بما استطاعوا جمعه من نفائس ودخائر وكنوز من العلوم والمعرفة وحضارة سطع نورها على اوروبا بعد جهل وتخلف دام لقرون خلت . وانا هنا احاول اماطة اللثام عن الوجود الاندلسي والغرناطي بارض او تراب البيضان سواء تعلق الامر بالانصار او غيرهم من مختلف القبائل عربا وامازيغا الذين اسهموا في بناء الحضارة الاندلسية برمتها . فمن غرناطة الى فاس ومكناس وتطوان وسجلماسة ومراكش فالساقية الحمراء فشنقيط فتينبكتو وكاو وكيدال فالنيجر وغيرها من المدن في الخط الشرقي وبموازته الخط الساحلي ومياه البحر الاخضر ( المحيط الاطلنتي شاهدة على نزوح عبر سفن قيل ان رواسي افني وبوجدور وغيرها من الموانئ شا هدة عليها حتي لا اطيل عليكم وبعد هذا التقديم المتواضع ادعوكم لتعرف على شخصية اوسية انصارية غرناطية بصمت تاريخ المنطقة شعر وفنا وعمارة وفوق هذا وذاك علما وهو صاحب المقولة التي تحققت بجهده وتفانيه في العمل

“أنا شاعر، والعمارة هى شعر من الحجر والطين، ولهذا سأُشعر وأُردد، يوما ما سأُشيد لكم قصور ومساجد”

انه الشاعر والفقيه و المهندس المعماري والمستشار الملكي أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الساحلي الأوسي الأنصاري الغرناطي الملقب ” بالطويجن ”
الذي اشرف وصمم مساجد كاوا والمسجد الكبير بتينبكتو وقصر
سلطان مالي منسى موسى وغيرها اترككم مع ترجمة لشخصيتنا الفذة من موقع اندلسي اليكم

فى ذكرى الشاعر والمعمارى الغرناطى أبى إسحاق إبراهيم الساحلى الاوسي الانصاري

أُقيم بقصر الحمراء لأول مرة الاحتفال بذكرى الشاعر الغرناطى أبى إسحاق إبراهيم والمعروف بالطُوَيجن، بالتعاون بين مؤسسة قصر الحمراء و المسؤول عن مكتبة تراث كاتى . وأبو إسحاق أحد كبار الشعراء والأدباء بغرناطة حيث يعتبره الباحثون والمؤرخون أبرز شعراء الأندلس وأهمهم، وعلى الرغم من ذلك يجهله الكثيرون وبالكاد ذكره بعض المؤرخين والرحالة فى كتبهم وإلى يومنا هذا لم يكن معروفا فى أرض ميلاده غرناطة وكأنه نُفى من ذاكرتها إلى الأبد.

ولد فى غرناطة عام 1290م لأسرة كانت تعيش بين غرناطة ومالقة، تولى والده الكثير من المهام والوظائف الإدارية العليا عند سلاطين بنى نصر من ضمنها مهمة الموازين والتوثيق الخاص بالأسواق وتولى ابنه وظائف مشابهة حتى أصبح مستشار البلاط الملكى بقصر الحمراء.

تمتع أبو إسحاق الساحلى بحس أدبى وشعرى مميز وكاريزما خاصة أسرت قلوب أهل غرناطة وأحبوه والتفو حوله، ولكنه كان مضطهدا من قبل رجال الدين والذين أساؤا فهمه مما دفعه لبدء رحلة جديدة، وبالفعل بدأت رحلة منفاه فهاجر إلى شمال إفريقيا ثم الشرق ومنه إلى مكة فى رحلة حج حيث تعرف على إمبراطور مالى مانسى موسى والذى عرض عليه مرافقته إلى مالى والسودان الغربى. وعرف الساحلى بكونه شاعراً وناثراً ومهندساً معمارياً بارعا حتى أصبح المعمارى الخاص للإمبراطورية فصمم وشيد أول مسجد بجاو وأكبر مسجد بتمبكتو والذى يُعرف بالمسجد الكبير وهو أحد أقدم مدارس التعليم بمالى وأعلنته اليونيسكو تراثا ثقافيا ، وشيد ايضا القصر الملكى مادوجو وقصرجيني الذى يقع على الحدود الحالية بين غينيا ومالى والكثير من الأعمال المعمارية على طول نهر النيجر ودمج بين أسلوبه الخاص والذى يُعرف “بالفن السودانى” وبين المعمار الأندلسى الخاص ببلده الأم. وفى عام1337م ذهب إلى مدينة فاس كسفير سلام من إمبراطور مالى، وصحب معه طلابا من مالى لتلقى العلم فى معاهد العاصمة فاس وعمل على توثيق الصلة بين سلطان مالى وسلطان المغرب المرينى أبى الحسن على.

ما ذكرة بعض الرحالة والمؤرخين عن أبى اسحاق:
يقول الأديب أبو الوليد إسماعيل بن الأحمر عنه: “أدركته، وهو من أهل بلدنا غرناطة”

ويذكر ابن الخطيب: “كان أبو إسحاق نسيج وحده فى الآداب، نظماً ونثراُ، لا يُشقَّ فيها غُباره، ولم ينقطع وهو فى مالى عن مخاطبة أصدقاء صباه فى غرناطة”.

ويذكر المقرى التلمسانى فى كتاب نفح الطيب:

“منهم أبو إسحاق الساحلي المعروف بالطويجن – بضم الطاء المهملة وفتح الواو وسكون الياء التحتية وكسر الجيم وقيل بفتحها – العالم المشهور والصالح المشكور والشاعر المذكور من أهل غرناطة من بيت صلاح وثروة وأمانة وكان أبوه أمين العطارين بغرناطة وكان مع أمانته من أهل العلم فقيها متفننا وله الباع المديد في الفرائض
وأبو إسحاق هذا كان في صغره موثقا بسماط شهود غرناطة وارتحل عن الأندلس إلى المشرق فحج ثم سار إلى بلاد السودان فاستوطنها ونال جاها مكينا من سلطانها وبها توفي رحمه الله تعالى انتهى ملخصا من كلام الأمير ابن الأحمر في كتابه نثير الجمان فيمن نظمني وإياه الزمان
وقال أبو المكارم منديل بن آجروم حدثني من يوثق بقوله أن أبا إسحاق الطويجن كانت وفاته يوم الاثنين 27 جمادى الأخيرة سنة 747هجرية بتنبكتو”

وأشار ابن الخطيب إلى أن أبا اسحاق كان مغرَّباً أو مُبعداً عن غرناطة، محظوراً عليه العودة إليها.ويُورد ابن الخطيب فى”االإحاطة” نموذجا من نثر أبى اسحاق خاطب به أهل غرناطة، وقد وصل إلى مراكش من مملكة مالى، يُبدى فيه حنينه إلى مسقط رأسه ووطنه واصحابه، ويُستشفَّ منه أن خروجه من غرناطة لم يكن باختياره. ومما جاء فيه: ” سلام… خيّمت فى ربع الجود بغرناطة ورقَّتْ… وعمَّتْ من هنالك مَنْ الفضلاء… فهناك تًقَّصُّ أحاديث وجدى على تلك المناهج، وشوقى إلى تلك العلياء… ولو ترك القطا ليلاً لنام … وحسبى أن أصف ما أعانيه من الشوق… وأعلل نفسى بلقائهم، وإن جلانى الدهر عن ورود حوضهم… فما ذهب ودادى… ففى الكتابة بُلغةُ الوطَر”.

ويذكر ابن خدلون فى كتاب العِبَر:

واعلم أن منسى موسى الذي ذكرناه كان من كبار الملوك كما قلنا وهو الذي صحبه أبو إسحاق الساحلي المعروف بالطويجي من شعراء الأندلس كان قد لقيه في موسم بعرفة فحلى بعينه وحظيت منزلته عنده فصحبه إلى بلاده وأقام عنده مصحوبا بالبر والكرامة وبنى للسلطان المذكور قبة رائعة فازدادت حظوته عنده.

قال ابن خلدون أطرف أبو إسحاق الطويجن السلطان منسى موسى ببناء قبة مربعة الشكل استفرغ فيها إجادته وكان صناع اليدين وأضفى عليها من الكلس ووالى عليها بالأصباغ المشبعة فجاءت من أتقن المباني ووقعت من السلطان منسى موسى موقع الاستغراب لفقدان صنعة البناء بأرضهم ووصله باثني عشر ألفا من مثاقيل التبر مثوبة عليها وكانت وفاة أبي إسحاق بتنبتكوا يوم الاثنين السابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة سبع وأربعين وسبعمائة.

ويتحدث ابن خلدون عن براعة الساحلي في ميدان المعمار وما استحدثه في مالي فيقول: “أراد سلطان مالي أن يتخذ بيتاً في قاعدة سلطانه مدينة يني مُحكم البناء، مجللاً، لغرابته بأرضهم، فأطرفه أبى إسحاق ببناء قبة مربعة الشكل، استفرغ فيها إجادته. وكان صنَّاع اليدين، وأضفى عليه من الكلس ووالى عليها بالأصباغ المشبعة، فجاءت من أتقن المباني، ووقعت من السلطان موقع الاستغراب لفقدان صنعة البناء بأرضهم، ووصله باثني عشر ألفاً من مثاقيل دنانير التبر مبثوثة عليها، الى ما كان من الأَثَرة والميل إليه، والصلات السنيَّة”.

كما يذكر الرحالة المغربي ابن بطوطة أن سلطان مالي منسى موسى أعطى أبا إسحاق في يوم واحد أربعة آلاف مثقال.

يقول الوزّان: “ودور تنبكتو عبارة عن اكواخ مبنية بأوتاد مملوطة بالطين ومسقوفة بالتبن. وفي وسط المدينة مسجدٌ مبنيٌ بالحجر، المركّب بالطين والجير، على يد مهندس أندلسي… وقصر كبير من بناء نفس المعلّم المهندس”.

وفى عام 1375م ذكر الجغرافى اليهودى أبراهام كريسكيس الملك منسى وعمل المعمارى الغرناطى فى الأطلس الخاص به.

وصرح إسماعيل دياديى حيدارة* المسؤل عن مكتبة تنبكتو والذى يقيم حاليا فى إسبانيا منذ عام 2012م ، أنه يحتفظ بمجموعة من المخطوطات تعود للقرن الخامس عشر خاصة بأحداث الطرد االأخيرة بالأندلس بعد سقوط مملكة غرناطة وعقب واصفاً شخصية أبى إسحاق بأنه كان حلقة وصل وترابط وجسر ثقافى، وهذا شئ مهم نفتقده فى أوقات أقمنا فيها الكثير من الحواجز السياسية والثقافية والدينية” كما اعتبر قصر الحمراء المكان المناسب لاستعادة هذا التواصل بين الأندلس القديمة وقلب إفريقيا السمراء من خلال الثقافة حيث إن الساحلى كان من رجال سلاطين النصريين وعلى وشك إقامة مجد مدينتة التى طُرد منها.

ويَعتبر إسماعيل دياديى هذة الليلة ستكون بمثابة إقامة العدالة ورد حق أبى إسحاق الذى كان المستشار الملكى وكان ضحية لعدم التسامح وسوء الفهم آنذاك حيث أتُهم بالهرطقة على الرغم من وضعه فى البلاط الملكى وكونه من كبارالأدباء لم يتم الاعتراف به فى غرناطة وتم نفيه، وحتى وقت سقوط غرناطة كان من غير المسموح التحدث عنه وذكره بشئ إلى درجة تم نسيانه وهذة ستكون فرصة لإعادته مرة أخرى إلى مدينته والتعرف عليه من خلال أعماله.

إسماعيل ديادي أثناء المؤتمؤ المُقام فى الاحتفال
إسماعيل ديادي أثناء المؤتمؤ المُقام فى الاحتفال
أثناء التجهيز لبعض الفقرات الشعرية
أثناء التجهيز لبعض الفقرات الشعرية
وستكون هذة الأمسية بحضور الكثير من الفنانين والمعمارين والأدباء وستفتتحها صوفيا ديادي والتى تعتبر نفسها نصف غرناطية بقراءة أبيات شعرية من أعمال أبى إسحاق مع الموسيقى الأندلسية وعروض لإبراز أعمالة المعمارية وأسلوبة الخاص وعلاقته بالعمارة الاندلسية.

وفى عام 2008م أصدر الكاتب والسياسى الإشبيلى مانويل بيمنتيل رواية تاريخية بعنوان”معمارى تمبكتو” وتعد من أوائل الأعمال التى تناولت حياة أبى اسحاق ورحلاته إلى المشرق وبغداد ودمشق. ويقول الكاتب :” الساحلى عبقرى غرناطى فقده التاريخ، فهو يستحق هذا العمل وكل هذا العناء” ويطلق عليه المعمارى الكبير للنيجير وتمبكتو ويعتبره الكثير من المعماريين أبا الفن السودانى.

ظلت آثار وأعمال أبى إسحاق باقية إلى يومنا هذا وتأثر به العديد من الفنانين والمعمارين أبرزهم أنطونى جاودى وميكيل بارثيلو الذين تَشّربوا موهبته ونبع معرفته.

وفى نهايات القرن الثامن عشر قام على جاو ابن محمود كاتى الثالث بتجميع عدد من أشعار وأعمال أبى إسحاق وأشار إلى أن جده محمود كاتى الثانى كان قد تزوج بمريم الساحلى. ويعد هذا مصدر فخر آل كاتى وعلى رأسهم إسماعيل ديادي كاتى و سبب أهتمامهم به و اعتزازهم بنسبهم إليه وإحياء ذكراه بكل فخر ومحبة.

توفى أبو إسحاق عام 1346م بتنبكتو حيث يرقد جثمانه فى المسجد الكبير الذى بناه هناك.
مع تحيات اخوكم ابو جاسم محمد عندالله الانصاري
مدير بوابة الانصار العالمية

01g 03g 04g 05g

اضف رد