أخر المستجدات
الصحابي الجليل جابر بن عبدالله الانصاري رضي الله عنه

الصحابي الجليل جابر بن عبدالله الانصاري رضي الله عنه

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على اشرف المرسلين

وبعد

جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة…

التفاصيلوقيل: “جبير” خاطب بها النبي صَلَّى الله عليه وسلم جابر بن عبد الله، يُكنى أبا عبد الله، وقيل: أبا عبد الرحمن، ويقول جابر: مرَّ عليّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ومعي بعيرٌ لي مُعْتَل وأنا أسُوقُهُ في آخرِ القومِ، فقال: “مَا لِبَعِيرِكَ”؟قلتُ: مُعْتَل أو ظالعٌ، قال: فأخذ بذَنبهِ فضربه ثم قال: “اركب”، فلقد رأيتُني في أولِ القومِ وإني لأحبسهُ، فلما دنونا أردتُ أن أتعجل إلى أهلي، فقال: “لا تأتِ أهلك طُرُوقًا” ثم قال: “أَتَزَوّجْتَ”؟ قال: قلت: نعم، قال: “بِكْرًا أمْ ثَيِّبًا”؟ قال قُلتُ: ثَيَّبًا، قال: “فَهَلاَّ بِكْرًا تُلَاعِبُها وتُلاعِبُك”؟! قال قلت: يا رسول الله، إن عبد الله ترك جَواري فكرهتُ أن أَضُمّ إليهِنّ مِثْلَهن، فأردتُ أن أتزوج امرأةً قد عَقلَت، فسكت؛ فما قال أحسنت ولا أسأت، ثم قال: “بِعْنِي بَعِيرَكَ هذا”، قلتُ: هوَ لكَ يا رسول الله، قال: “بِعْنيه”، قلت: هو لك يا رسول الله، فلما أكثر عَلَيّ قلت: إنّ لرجل عَلَيّ أوقيةَ ذهبٍ هُوَ لَكَ بِهَا قال: “نعم، تَبلُغ عليه إلى أَهْلك”، وأرسل إليّ بلالًا فقال: “أعطه أوقيةَ ذهب وزِد”، فأعطاني أوقيةَ ذهب وزادني قيراطًا، فجعلتُه في كيس وقلتُ: لا يفارقني هذا القيراط شيء زَادَنيه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فلم يزل عندي حتى أخذه أهل الشام فيما أخذوا يوم الحَرَّةِ، وروى وَكِيعُ، عن جابر بن عبد الله، قال: لَمّا تزوجتُ قال لي النبي صَلَّى الله عليه وسلم: “هل اتخذتم أنماطًا؟” قال قلت: يا نبيَّ الله وأنَّى لي بالأنماط؟ قال: “أما إنها ستكون”، قال جابر: وعند امرأتي نمط وأنا أقول لها: نَحيه عنّي، وهي تقول أليس قد قال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: “أما إنها ستكون”!. وشهد جابرُ بن عبد الله العقبةَ مع السبعين من الأنصار، وكان أصغرهم يومئذ، وأراد شهودَ بَدْرٍ فخلفه أبوه على أخواتهِ وكُنّ تسعًا، وخلّفه أيضًا حين خرج إلى أُحُد، وشهد ما بعد ذلك من المشاهد. وروى إبراهيم بن جعفر، عن أبيه، قال: سألنا جابرَ بن عبد الله: كَمْ غَزَا رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم؟ قال: سبعًا وعشرين غزوةً غزا بنفسهِ وغزوتُ معه منها سِتّ عشرةَ غزوةً، لم أَقْدِرْ أَنْ أَغْزُوَ حتى قُتل أبي رحمه الله بأُحُدٍ، وكان يُخلِّفني على أخواتي، وكُنَّ تسعًا، فكانت أول غزوة غزوتها معه حمراء الأسد، إلى آخر مغازيه صَلَّى الله عليه وسلم، وروى جابر بن عبد الله قال: كنت رفيق عبد الله بن رواحةَ في غزوة المُرَيْسِيع، وروى أيضًا قال: كنتُ مَنِيحَ أصحابي يوم بدر. وروى أبو بكر المدني قال: كان جابر بن عبد الله لا يَبلغ إزارُه كعبَهُ، وكان يكره جَرَّ الإِزَارِ والرِّداءِ ويقول: هو خُيَلاء. وروى جابر بن عبد الله، قال: كنتُ أسيرُ على جمل لي فأعيَى فأردت أن أسيبه فلحقني رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فَضَرَبَهُ ودعا له، فسار سيرًا لم يَسِرْ مثله، فقال لي: “بِعْنِيهِ بأوقيةٍ”، قال قلت: لا، قال: “بِعْنِيهِ”، فَبِعْتُهُ بأوقية واستثنيتُ عليه حُملاَنَهُ إلى أهلي، فلما قدمتُ أتيتُه بالجمل، فنقدني ثَمنَهُ، فلما مَضَيتُ رَدّني وقال: “لعلك ترى أني إنما ماكستُكَ لآخذ جملك، خُذْ جَملَك ودَراهمك فهما لك”، وروى أيضًا قال: لما قُتِلَ أبي يوم أُحُدٍ دعاني النبي صَلَّى الله عليه وسلم فقال: “أتُحِبُّ الدراهمَ”؟ قال: قلتُ: نعم، قال: “لَوْ قَدْ جاءتني دراهمُ أَعطَيتك هكذا وهكذا” قال: فمات النبي صَلَّى الله عليه وسلم قبل أن يُعْطِيني، فلما اسْتُخْلِفَ أبو بكر رحمه الله أتاه مالٌ من البحرين فدعاني فقال: خذ كما قال رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم قال: فأخذت بكفَّيّ جميعًا وأخذت الثالثة أقلّ منه، فقلت عُدَّ هذا، فأعطوني مثلَهُ مرتين، فَعُدّ فوجد سبعمائة وخمسون، وأعطوني مثلها مرتين. ويروي رضي الله عنه قائلا: جاءنا رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقلت لامرأتي لا تسألي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم شيئًا، فقالت: يخرج رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من عندنا ولم نسأله! فنادته، يارسول الله صَلِّ عَلَيّ وعَلَى زوجي، فقال: “صلى الله عليك وعلى زوجك”، وروى جابر بن عبد الله أيضًا قال: اشتكيت وعندي سبع أخوات لي، فدخل عليّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فنفخ في وجهي فأفقت، فقلت: يارسول الله، ألا أوصي لأخواتي بثلثين؟ قال: “أحسن”، قال قلت: الشطر، قال: “أحسن”، ثم خرج وتركني، ثم رجع فقال لي: “ياجابر إني لا أراك ميتًا من وجعك هذا، وإن الله تبارك وتعالى قد أنزل، فَبَيَّنَ الذي لأخواتك فجعل لهن الثلثين”، قال: فكان جابر يقول: أنزِلت هذه الآية فِيَّ: }يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي اْلْكَلَالَةِ {[سورة النساء: 167]. وكان لجابر بن عبد الله حَلقة في المسجد ــ يعني النبويّ ــ يؤخذ عنه العلم، وقد روى جابر بن عبد الله عن أبي بكر، وعُمَر، وَعَليّ، وكان من المكثرين في الحديث، الحافظين للسنن. وروى جابر بن عبد الله قال: أقبلت عيرٌ يومَ الجمعةِ ونحن مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فانفتل الناس فلم يبق مع النبي صَلَّى الله عليه وسلم إلا اثنا عشر رجلًا أنا منهم، فأنزل الله تبارك وتعالى: }وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِمًا{[سورة الجمعة: 11]. مات جابر رضي الله عنه سنة ثمان وسبعين، ويقال: إنه عاش أربعًا وتسعين سنة، وصلَّى عليه أبان بن عثمان.

اضف رد